بغداد - يتعرض المسؤولون عن حماية التراث في بغداد الى مخاطر وتهديد بالقتل اثر تصميمهم على مواجهة الهدم الذي تطاله هذا المواقع من قبل اصحابها من اجل تحويلها الى مشاريع سكنية او تجارية.
فقد تلقت فوزية المالكي مديرة دائرة التراث والاثار في العراق تهديدات بالقتل منذ توليها المسؤولية قبل عام اثر اعتراضها على ردم منازل تراثية في وسط بغداد.
وقالت المالكي ان "كثيرين استفادوا من الفوضى التي اعقبت اجتياح العراق في 2003 وقاموا بهدم منازلهم من اجل تحويلها الى مشاريع سكنية".
واضافت المالكي التي كانت تتحدث من المتحف الوطني العراقي حيث مقر عملها "هناك تجاوزات حصلت من قبل الافراد، حيث قاموا باعمال هدم وبناء دون اعلام دائرة التراث، او البلدية".
وتابعت ان "هؤلاء استغلوا فترة احداث غياب القانون والاحداث التي مرت بين 2005 و2006 وقاموا بهدم العشرات من الابنية التراثية".
واضافت "عندما كنا نمنعهم يلجأون الى احراق او تفجير المبنى (التراثي) ليظهروا انه تعرض الى عمل ارهابي، ويعملون لاحقا على اعادة بنائه".
وتابعت ان "آخرين قاموا بتهديدنا بالقتل لمنعهم هدم منازلهم التراثية".
ومنذ 2004، قامت الهيئة العامة للاثار والتراث بتحديد 1600 مبنى في بغداد تتراوح اعمارها بين مئتي عام اي بنيت العهد العثماني في مطلع القرن الماضي، وخمسين عاما ابان الحكم الملكي في العراق، تضم مساجد وكنائس وخانات وقصور ومنازل تحمل طابعا تاريخيا.
وفي عموم العراق، هناك ثمانية الاف موقع تاريخي ومبنى اثري.
وتدهور تراث بغداد التي كانت تعرف بمدينة الف ليلة وليلة بسبب انعدام اعمال الصيانة واعمال العنف وتلف شبكات الصرف الصحي التي تسببت بتجمع المياه الجوفية.
وقال علاء حسين جاسم الذي يرأس فريقا من 32 شخصا لحماية المباني التراثية "نحاول ان نشرح لاصحاب المباني ان جزء من تاريخ البلاد بين ايديهم ويتوجب عليهم الحفاظ عليه".
وتابع حسين وهو مدير دائرة اثار وتراث بغداد "احيانا لايدركون ذلك ونكون مجبرين التوجه للقضاء".
وتعرض موظفو الهيئة الى التهديد وبينهم جاسم الذي قام الاسبوع الماضي بتحذير بازالة اكشاك اقيمت عند كنيسة كلدانية بنيت عام 1898.
ووفقا لقانون عراقي شرع عام 2002، يعاقب بالسجن لفترة تصل الى عشرة اعوام من قام بهدم اون نقل كلا او جزاء او ترميمه او تجديده او تغييره مبنى تراثي دون موافقة السلطة الاثارية التحريرية، وبالسجن سبعة سنوات لمن قام بتغير الاستعمال المخصص لها.
لكن هذه القوانين قد تكون مشكلة يواجهها اصحاب هذه المباني لانهم لا يتلقون مقابل الابقاء عليها اي دعم مالي من الحكومة، كما هو حال فتح الله فريد وابناء عمومه الاربعة الذين يملكون منزلا تراثيا يعرف بـ"لولو" شيده جدهم عام 1932 على ضفاف نهر دجلة.
وغادرت العائلة المنزل بعد فيضان وقع في 1954. وهو الان مقسم الى احد عشر محلا لبيع المحركات. وما زالت هناك اثار زخارف تدل على الاهمية التي اولاها انور توما للمنزل ارضاء لزوجته لولو ماراكي، لكن الجدران والارض اصبحت ملطخة بزيت المحركات.
ويقول فتح الله "لا اعرف ماذا تستفيد دائرة التراث من هذا المنزل لانه لا يشبه حتى التصاميم العراقية واقرب ما يكون للطراز الفرنسي، فاما يشتروه او يتركونا نفعل به ما نريد".
وكانت دائرة البلدية قد قدرت قيمة المنزل بثلاثة ملايين ونصف مليون دولار لكن دائرة التراث لا تملك المال لشرائه.
واكدت فوزية المالكي ان "الحكومة تخصص لنا مليار دينار (حوالى 854 الف دولار) كل عام وهي لا تكفي امام حالة الطوارىء (التي نحن فيها) فلم نستطع استعادة الا احدى عشر مبنى خلال 2009".
وتابعت "احتاج الى مليار دولار كل عام وعلى مدى عشرة اعوام قادمة".
وعلى كل حال، فان احد المنازل التي تمت استعادتها شيد في القرن التاسع عشر خلال حكم خليل باشا اخر الحكام العثمانيين عام 1915، في الرشيد اشهر شارع في بغداد.
واكد رومل عبد الكريم المشرف على العمل ان "المنزل كان مهجورا منذ بداية 1960. بدأنا عملنا في 2005 في ذروة اعمال العنف وانفقنا خمسمائة مليون دينار (حوالى 427 الف دولار)"من اجل ترميمه.